للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد تعددت الروايات الواردة في ذكر موطنه، وأنه من النوبة، وأنه من (سودان مصر)، وأنه كان (حبشيًّا) وعليه الأكثرون، وأنه من (السودان)، فتعدد هذه الروايات لا إشكال فيه أيضًا، فإن المتأمل في صفات لقمان الخِلقية يجد أنها متناسقة ومتطابقة مع الصفات الخِلقية لسكان هذه البقاع المتجاورة والمتلاصقة من الشمال الشرقي للقارة الإفريقية، والتي تجمع أقصى شمال السودان، وهي منطقة (وادي حلفا) وما جاورها، وأقصى جنوب مصر وهي منطقة (النوبة)، ولعله كان له تنقل بين هذه البقاع، والتي تجمعها طبيعة جغرافية وسكانية واحدة، من جهة اللغة والعادات الاجتماعية والأعراف والنشاط السكاني، والروايات التي تذكر أنه من أيلة مع قلتها وندرتها لا تقاس بنسبته إليها مع نسبته إلى القارة الإفريقية، ولعل عمره الطويل كان له تأثير في انتقاله من مكان إلى مكان ومن مهنة إلى مهنة، والله أعلى وأعلم. …

[مهنته]

- قال الألوسي (١٢٧٠ هـ): «اختلف فيما كان يعانيه من الأشغال، فقال خالد بن الربيع: كان (نجارًا) بالراء، وفي معاني الزجاج: كان (نجادًا) بالدال، وهي على وزن كتان، كذا هو بخط جماعة من الأئمّة، وهو: من يعالج الفرش والوسائد ويخيطها، وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، وابن المنذر، عن ابن المسيب أنه كان (خياطًا)، وهو أعلم من النجاد» (١).


(١) تفسير الألوسي (٢١/ ٨٣).

<<  <   >  >>