للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله، إني أريد الجهاد في سبيل الله. قال: «أمك حية؟» قلت: نعم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الزم رجلها فثم الجنة!» (١).

وَقد تقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أن بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مقدم عَلَى الْجِهَادِ؛ لأِنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَا يَنُوبُ عَنْهُ فِيهِ غَيْرُهُ. فَقَدْ قَال رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَغْزُوَ الرُّومَ، وَإِنَّ أَبَوَيَّ مَنَعَانِي. فَقَال: «أَطِعْ أَبَوَيْكَ، فَإِنَّ الرُّومَ سَتَجِدُ مَنْ يَغْزُوهَا غَيْرَكَ» (٢).

سادسًا: وجوب بر الوالدين وإن كانا مشركين:

فعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيت رسول -صلى الله عليه وسلم- قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلُ أمي؟ قال: «نعم صِلِي أمك» (٣).

فبر الوالدين الكافرين والإحسان إليهما رغب فيه الشارع اعترافًا بحقهما ووفاءً لما قدماه.

قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: ١٥].


(١) صحيح الترغيب للألباني (٢٤٨٣).
(٢) المهذب في فقه الإمام الشافعي (٢/ ٢٣٠). هذا إلا إذا تعين الجهاد وأعلن الإمام النفير (الباحث).
(٣) رواه البخاري (٢/ ٩٢٤) (برقم: ٢٤٧٧)، ومسلم (٢/ ٦٩٦) (برقم: ١٠٠٣). وَوَالِدَةُ أَسْمَاءَ هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسَدٍ. وَأُمُّ عَائِشَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ هِيَ أُمُّ رُومَانَ قَدِيمَةُ الْإِسْلَامِ.

<<  <   >  >>