وتحث عليها وتُقَوِّمُ بها الأخلاق وتُصلح ما اختل منها وما أعتل، فلا عبادة ومن ثَمَّ فلا أخلاق، وهذا مما يؤيد ويعاضد من أوجه الترابط والتواثق والتلازم بين تلك الجوانب جميعًا.
وقد مرَّ معنا كثيرًا في طيات البحث الكلام عن مكارم الأخلاق، وأنها غاية من أعظم الغايات التي بُعث النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لتحسينها وإتمامها وإكمالها.
وحينما يعبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المقصد من مبعثه وبيان الغاية منه بأداة تفيد الحصر وهي كلمة «إنما»، ذلك ليثبت للبشرية قاطبة أن الشريعة السمحة التي بعث بها إنما شرعت لإصلاح هذا الجانب العظيم ولإكماله وإتمامه وتحسينه.
ثانيًا: فريضة الصيام وعلاقتها بالعقيدة والأخلاق وكذلك الشأن في فرضية الصيام ومشروعيته.
والصيام من أعظم الوسائل لتحقيق التقوى التي بها جماع الخير كله- وهي الجامع لأمر الاستجابة لله بفعل المأمور وترك المحذور، والصيام الذي يثمر التقوى يقيم سياجًا قويًّا وحصنًا منيعًا بين المؤمن و بين محارم الله تبارك تعالى.
يقول ابن كثير:«لِمَا فِيهِ مِنْ زَكَاةِ النَّفْسِ وَطَهَارَتِهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِنَ الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ»(١).
والصِّيام سرٌّ خفي بين العبد وربِّه لا يطَّلع عليه إلا هو -سبحانه وتعالى-.