للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا جليًّا ولا خفيًّا» (١).

ثم إنه ثنَّى بالجانب التعبدي الذي به صلاح شأن العبد مع نفسه، وثلث بالجانب الأخلاقي الذي يمثل صلاح شأن العبد في تعامله مع الناس كافة.

[طبيعة العلاقة بين هذه الجوانب]

يقوم بنيان الدين وصرحه المتين على العقيدة أولًا التي هي بمثابة حجر الأساس في بناء صرح هذا الدين العظيم، وعلى هذا الأساس المتين تقوم أركان بنيان العملية التربوية بجميع جوانبها التعبدية والأخلاقية والسلوكية.

وإذا هيمنت تلك العقيدة على نفس المؤمن وسكنت فؤاده، سمت نفسه، وتوجهت نحو الخير وتحلت بكل فضيلة، وتخلت عن كل رذيلة، وأثمرت كل خلق حميد.

ذلك لأن تلك العقيدة بينها وبين جوانب وأركان العملية التربوية صلة وثيقة، لأن العقيدة هي الدافع الذاتي الذي يدفع المؤمن ويقوده نحو الفضائل كلها، وأن رسوخ العقيدة في قلبه يحثه ويؤزه على الخير أزًّا، فيؤدي الفرائض التعبدية بنفس راضية مصحوبة بانشراح صدره وطمأنينة نفسه، ويدفعه لاكتساب مكارم الأخلاق، وإلى حسن معاملة الخلق بالمعروف، وإن في التخلي عن تلك العقيدة أيضًا الدافع الذاتي لهدم الجانب التعبدي والأخلاقي معًا، لأن هذه الجوانب فقدت قاعدة الأساس التي تقوم وترتكز عليها، ألا وهي قاعدة العقيدة الصحيحة والإيمان الراسخ، ولذا كانت أول وصايا لقمان في موعظته لولده بترسيخ العقيدة والنهي عن الشرك المتضمن تحقيق التوحيد؛ لأنه هو الأساس


(١) نظم الدرر للبقاعي (١٥/ ١٦٢).

<<  <   >  >>