وهذه السمة الحسنة يجب أن تتجلى بوضوح في علاقة المربي القدوة في تعامله مع الناس جميعًا.
خامسًا- وجوب موافقة القول العمل، وذم من خالف قوله فعله:
لقد تظاهرَتْ دلائل التنزيل (الكِتَاب والسُّنة). على ذمِّ من خالف قولُهُ فعلَه؛ لأنَّ ذلك فيه دلالة على ضعف إيمان صاحبه، وقد يؤدي به إلى النِّفاق، عياذًا بالله تعالى من ذلك، وقد جبلت نفوس أهل الإيمان على محبة وقبول من وافق قولُهُ فعلَه والنفور ممن خالف قولُهُ فعلَه، ولذا فيجب وجوبًا حتميًّا على كل مصلح وداعٍ ومُرَبٍّ حريص على أن يكون قدوة حسنة يُتأسى ويُقتدى به، أن يحرص كل الحرص على موافقة القولِ العملَ، حتى يكون داعيًا بحاله قبل مقاله.
وهذا يلزمه أن تأتي أعمالُهُ موافقة لأقواله؛ لأن هذه السمة الحسنة تكسب المربي والمصلح والداعي والقدوة ثقة وقناعة وإجلالًا وتقديرًا في نفوس المدعوين، فيتأسون بما يقول ويقتدون بما يعمل، كما يندرج تحت هذه السمة العظيمة أن تكون الأقوال الموافقة للأعمال مستمدة من شرع الله، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٢ - ٣].
قال الإمام الطبري:«إنَّ الله -تعالى- قد ذَمَّ بني إسرائيل على عدم إتْباع العِلمِ العملَ؛ فقال سبحانه:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[البقرة: ٤٤]، فإنَّهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وبِتَقواه وهم يَعصُونه، فعَيَّرهم الله تعالى»(١).
(١) جاء ذلك عن السُّدِّي وقتادة -رحمهما الله تعالى- كما في «تفسير الطبري» (١/ ٢٥٨).