للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آيةٍ أخرى أخْبَر الله عنهم بقَوْله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: ١٨٧].

قال مالك بن مغول (١) -رحمه الله تعالى: «تركوا العمل به» (٢).

وفي قول الله تعالى: {نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ} [الأعراف: ٥٣]، وقوله سبحانه: {نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف: ٥١]، وقوله -عز وجل-: {نَسُوا الذِّكْرَ} [الفرقان: ١٨].

- قال المفسِّرون: «ترَكُوا العمل به، فصاروا كالنَّاسين» (٣).

وإنَّ المتأمل في سير الأنبياء الكرام -عليهم السلام- وهم رُؤوس المُصْلِحين وقدوات الأنام، يرى أفعالَهم تُوافقها أقوالُهُم، حتَّى إنَّ المكذِّبين بهم من أقوامهم لم يَرْموهم بمخالفة أفعالِهِم أقوالَهم مع حاجتهم لمثل هذه التُّهمة في صَرْف النَّاس عن دَعوتهم وتصديقهم والإيمان بهم، لكنهم لم يَفْعلوا ذلك؛ لِعِلمهم أن الناس لا يصدِّقونهم؛ لأنّه من الكذب الظَّاهر، ومن الأنبياء مَن صرَّح بذلك كما فعَل شُعَيب -عليه السلام- حين وعَظ قومه، فبيَّن لهم أنَّه أوَّل مَن يمتثِلُ ما يدعوهم إليه، حين ذكر الله -تعالى- من خبره مع قومه أنه قال: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا


(١) مالك بن مغول بن عاصم بن غزية بن خرشة، الإمام، الثقة، المحدث أبو عبد الله البجلي، الكوفي، قال أحمد: ثقة، ثبت في الحديث، وقال ابن معين وأبو حاتم وجماعة: ثقة، وقال العجلي: رجل صالح مبرز في الفضل، وقال أحمد: سمعت ابن عيينة يقول: قال رجل لمالك بن مغول: اتق الله. فوضع خده بالأرض، توفي سنة (١٥٩ هـ)، قلت: كان من سادة العلماء، سير أعلام النبلاء (ص: ١٧٤، ١٧٥/ ٧).
(٢) فتح المغيث (٢/ ٣٥٩).
(٣) تفسير القرطبي (٧/ ٢١٧)، و (١٣/ ١١)، و (١٥/ ١٨٩)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٢٢١).

<<  <   >  >>