للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسادًا، كما قال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: ٨٣].

- قال ابن جُرَيْج: «{لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: ٨٣]: تعظمًا وتجبرًا، {وَلَا فَسَادًا} [القصص: ٨٣]: عملًا بالمعاصي» (١).

ويُخْتَمُ الكلامُ ببيان بعض هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المشي ليكون نبراسًا يضيء الطريق لكل مسترشد راغبٍ في التأسي به والاقتداء بهديه والاستنان بسنته -صلى الله عليه وسلم- فيقول: «عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ .. » (٢).

ومعنى تكفأ يوضحه قول عليٍّ -رضي الله عنه- حيث يقول: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مشى تكفأ تكفُّؤًا كأنما ينحط من صبب» أَي: في موضع مُنْحدر (٣).

- وقال أيضًا: «إذا مشى تقلع».

والتقلع: كما قال ابن القيم: «الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل المشيات، وأروحها للأعضاء، وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت، فإن الماشي إما أن يتماوت في مشيه ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة، وهي مشية


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٢٥٨).
(٢) أخرجه مسلم (برقم: ٢٣٣٠).
(٣) البخاري في تاريخه (١/ ٧، ٨)، والترمذي (٣٦٣٧)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>