للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث: «الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس» (١).

يقول ابن القيم: «فسَّر النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الكِبْر بضده فقال: «الكِبْر بطر الحق، وغمص الناس» (٢).

فبطر الحق: رده، وجحده، والدفع في صدره، كدفع الصائل.

وغمص الناس: احتقارهم، وازدراؤهم، ومتى احتقرهم وازدراهم: دفع حقوقهم وجحدها واستهان بها» (٣).

وحول الأسباب التي يتحقق بها التواضع يقول الإمام ابن القيم:

التواضع يتولد من العلم بالله سبحانه، ومعرفة أسمائه وصفاته، ونعوت جلاله، وتعظيمه، ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها، وعيوب عملها وآفاتها، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو (التواضع)، وهو انكسار القلب لله، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده، فلا يرى له على أحدٍ فضلًا، ولا يرى له عند أحدٍ حقًّا، بل يرى الفضل للناس عليه، والحقوق لهم قِبَلَه، وهذا خلُق إنما يعطيه الله -عز وجل- من يحبُّه، ويكرمه، ويقربه (٤).

وأخيرًا: لعل هذا يكون هاديًا لكل مسترشد لا يريد علوًا في الأرض ولا


(١) مسلم (٩١) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
(٢) وكلمة: (غمص) رواية في الحديث، وهي بمعنى غمط، ينظر: مشارق الأنوار (٢/ ١٣٥).
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٢١٨).
(٤) الروح (٢٣٣).

<<  <   >  >>