للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغض: ردّ طموح الشيء، كالصوت والنظر والزمام.

وكانت العرب تفتخر بجهارة الصوت، وتمدح به في الجاهلية» (١).

وإن علو الصوت والصخب ليس من صفات أهل الإيمان، إلا ما كان لعبادة مأمور بها شرعًا كالنداء للصلاة، أو رفع الصوت بالتلبية، أو لمصلحة شرعية راجحة لا تتحقق إلا بذلك، أو لحاجة عارضة لا بد له منها ولا غنى له عنها.

يقول النيسابوري: «قال العلماء: إن النهي لا يتناول رفع الصوت الذي ليس باختيار المكلف .. ولا الذي نيط به صلاح في حرب أو جدال معاند أو إرهاب عدوّ.

ففي الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- لما انهزم الناس يوم حنين: «اصرخ بالناس»، وكان العباس أجهر الناس صوتًا» (٢).


(١) أبو حيان (٧/ ١٨٩).
(٢) تفسير النيسابوري (جـ ٧) (ص ٣٨)، وينظر: تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (١/ ٥٥٨) تأليف: حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي، نزيل مكة، المتوفى بها (٩٦٦ هـ - ١٥٥٨ م)، الناشر: دار صادر -بيروت الطبعة: - عدد الأجزا: ٢، نوفمبر (٢٠١٠ م). بتصرف يسير.
وهذا الحديث: رواياته مبسوطة في كتب التفسير والسير والمغازي، ولم أقف له على تخريج له يشفي الغليل إلا قول ابن حجر: «لم أجده»، الكافي الشاف في تحرير أحاديث الكشاف (١٥٥) (رقم: ٩، ١٠) لابن حجر، وينظر: (ص ٧١٥) من كتاب تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، تأليف: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (المتوفى: ٧٦٢ هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد الرحمن السعد، الناشر: دار ابن خزيمة -الرياض- الطبعة الأولى (١٤١٤ هـ)، عدد الأجزاء: (٤). … =
= * يوضح الباحث ويقول:
لقد وجدت في أغلب الروايات (يوم أحد) بدلًا من (يوم حنين)، ومن المعلوم أن العباس لم يشهد أحدًا أصلًا، لأنه لم يكن قد أسلم بعد، وقد اخُتلِف في زمن إسلامه، والراجح -والله أعلم- أنه عام خيبر في السنة السابعة للهجرة، وإنما كانت غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة، وهذا مما يدلل على وهن هذا الحديث واضطراب رواياته المذكورة في كتب التفسير والسير والمغازي، والله أعلم.

<<  <   >  >>