للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحت ما قضاه الله واختاره له» (١).

ويقول ابن سعدي: «أي: لا ينبغي ولا يليق بمن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا من الأمور وحتما به وألزما به أن يكون لهم الخيرة من أمرهم أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر الله ورسوله.

{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} أي: بينًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة الله، إلى غيرها من الطرق الموصلة للعذاب الأليم، فذكر أولًا السبب الموجب لعدم معارضة أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال» (٢).

ويؤكد هذه المعاني مختصرًا ما رواه الإمام البخاري معلَّقًا عن الإمام الزهري حيث يقول: «من الله الرسالة، وعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البلاغ، وعلينا التسليم» (٣).

ذلك لأن اختيار الله لعبده أصلح وأجدى وأنفع من اختياره لنفسه، وإن هذا من الدوافع التي تورث العبد إحسان الظن بالله رب العالمين، وتفويضه لأمره سبحانه في شأنه كله، وذلك عين العبودية الدافعة للانقياد والتسليم لأمر الله تعالى ونهيه.


(١) فتح القدير (١/ ١١٧١).
(٢) ابن سعدي (٦/ ١٣٧٨).
(٣) خلق أفعال العباد (ص ٨٨)، وينظر: تفسير ابن كثير (٣/ ١٥١).

<<  <   >  >>