للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قلت: ثم أي؟ قال: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» (١).

عن مَسْرُوقٍ، عن عبد اللَّهِ قال: قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَنِّي رسول اللهِ إلا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» (٢).

قال ابن القيم -رحمه الله-: «ولمَّا كانت مفسدة الزنا من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وصيانة الحرمات، وتوقي ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس، من إفساد كل منهم امرأة صاحبه، وبنته، وأخته، وأمه، وفي ذلك خراب العالم: كانت تلي مفسدة القتل في الكبَر، ولهذا قرنها الله سبحانه بها في كتابه، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: ولا أعلم بعد قتل النفس شيئًا أعظم من الزنا. وقد أكد سبحانه حرمته بقوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]، فقرنَ الزنا بالشرك وقتل النفس،


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] (٤٤٧٧، ٤٧٦١، ٦٠٠١، ٦٨١١، ٧٥٢٠،)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده (٨٦).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الديات، باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ … }. [المائدة: ٤٥] (٦٨٧٨)، ومسلم: كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب ما يباح به دم المسلم (١٦٧٦)، واللفظ له، من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>