فالمعاشرة بالمعروف قاعدة قرآنية محكمة جاءت ضمن سياق توجيه رباني عظيم، يقول الله تعالى فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)} [النساء: ١٩].
ومما يعين على فهم هذه القاعدة، أن نُذَكِّرَ بسبب نزول هذه الآية الكريمة، فقد روى البخاري في «صحيحه»، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضُهم تزوجها، وإن شاؤوا زَوَّجُوها، وإن شاؤوا لم يُزَوِّجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك (١). إن من تأمل وتدبر دلالات هذه القاعدة العظيمة:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩] أدرك أن الله تعالى ردّ أمر المعاشرة إلى العرف، لم يحدده بشيء معين؛ لاختلاف الأعراف والعادات بين البلدان كما هو معروف وظاهر، ولاختلاف مكانة الأزواج من الناحية المالية والاجتماعية، إلى غير ذلك من صور التفاوت التي هي من سنن الله في خلقه، ولعظيم موقع هذه المعاني التي دلت عليها هذه القاعدة القرآنية:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩]. أكّد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هذه الحقوق في أعظم مجمع عرفته الدنيا في ذلك الوقت. حين خطب الناس في يوم عرفة في حجة الوداع، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: