للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرض شفاههمْ بمقاريضَ من نارٍ، قلْتُ: مَنْ هؤلاء يا جبْريل؟ قال: هؤلاء خطباء منْ أمَّتك، يأْمرون الناس بالبر، وينْسوْن أنْفسهمْ وهمْ يتْلون الْكتاب، أفلا يعْقلون» (١).

وهذا العذاب لا يخص الخطباء فحسب؛ بل يعم كل آمرٍ وناهٍ يخالف قولُهُ فِعْلَهُ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو معلوم في علم الأصول.

وما أحسن قول أبي الأسود الدؤلي:

يا أَيُّها الر جُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ … هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ

تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي … الضَّنَى كيما يَصحّ بِهِ وَأنتَ سَقيمُ

وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا … أَبَدًا وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ

فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها … فَإِذا انْتَهَتْ عَنهُ فأنتَ حَكيمُ

فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيُهتَدى … بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ … عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ (٢).


(١) رواه ابن أبي شيبة (٨/ ٤٤٦)، وأحمد (٣/ ١٢٠)، وعبد بن حميد (١٢٢٢) وحسَّنَه البغوي في شرح السُّنة (٤١٥٩)، والألباني في صحيح الجامع (١٢٩)، مقال مقتبس من شبكة الألوكة، موافقة قول الخطيب عمله، الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل، تاريخ الإضافة: (١٨/ ١٠/ ١٤٣١ هـ - ٢٧/ ٩/ ٢٠١٠ م) بتصرف.
(٢) أبو الأسود الدؤلي: هو: ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني (١٦ ق. هـ. -٦٩ هـ)، من سادات التابعين وأعيانهم وفقهائهم وشعرائهم ومحدثيهم، ومن الدهاة حاضرِي الجواب، وهو كذلك نحويّ عالِم وضع علم النحو في اللغة العربية، وشكّل أحرف المصحف، وضع النقاط على الأحرف العربية، وُلِدَ قبل بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وآمن به لكنه لم يره فهو معدود في طبقات التابعين، وصَحِب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي ولَّاه إمارة البصرة في خلافته، وشهد معه وقعة صفين والجمل ومحاربة الخوارج. ويُلقب بِلقب: ملك النحو، لوضعه علم النحو. أصيب آخر حياته= =بمرض الفالج الذي سبب له العرج، وتوفي في طاعون الجارف في البصرة سنة (٦٩ هـ/ ٦٨٨ م) في خلافة عبد الملك بن مروان وله من العمر (٨٥) سنة.
اللباب (١/ ٤٣٠)، والإصابة (٢/ ٢٣٣)، وأنباء الرواة (١/ ٥٠)، وتاريخ دمشق لابن عساكر - حرف الظاء، وسير أعلام النبلاء (ص ٨٣، ٨٤، ٨٥)، وروضات الجنات (٤/ ٢)، وبهجة الآمال (٥/ ١)، وغاية النهاية في طبقات القراء (١/ ٣٤٦)، وتهذيب التهذيب (١٢/ ١٣)، وتاريخ الإسلام للذهبي (ج ٥/ ٦)، وفهرست ابن النديم (٤٦)، والعقد الفريد (٤/ ٣٤)، ومرآة الجنان (١/ ٢٠٦)، ووفيات الأعيان (١/ ٥٣٥)، ورسالة الغفران (٤٠٠).

<<  <   >  >>