للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من هذه القصة على مشروعية التأديب بالهجر:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- هجروا هؤلاء النفر الثلاثة، وقاطعوهم مدة خمسين ليلة حتى نزلت توبتهم من السماء؛ لأجل أنهم خافوا منهم النفاق (١).

فدل ذلك على جواز هذا النوع من التأديب.

قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «وفي حديث كعب هذا، دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه، إذا بدت منه بدعة أو فاحشة، يرجو أن يكون هجرانه تأديبًا له، وزجرًا عنها» (٢). اهـ.

والعلة نفسها تتحقق في محل ولاية التأديب الخاصة، فيجوز للأب والزوج والمعلم والسيد، أن يهجروا من يؤدبونهم زجرًا لهم وإصلاحًا كالتعزير في الولاية العامة.

٢ - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اطَّلَعَ على أحدٍ من أهل بيته كذب كذبةً، لم يزل مُعْرِضًا عنه حتى يُحدث لله توبة» (٣).


(١) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ٢٦٩).
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر (٦/ ١١٨) ت: سعيد أحمد أعراب وآخرين (ط بدون)، وجوَّد هذا المعنى الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الرسالة للشافعي ص (٤٤٦)، (دار الفكر، ط بدون)، وينظر: تنوير الحوالك للسيوطي (٢/ ٢١٣)، (مصر: مصطفى البابي الحلبي، ط بدون، ١٣٧٠ هـ).
(٣) رواه الإمام أحمد في مسنده (٦/ ١٥٢)، وأبو جعفر محمد العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير (١/ ٩)، ت: د/ عبدالمعطي أمين قلعجي، (بيروت: دار الكتب العلمية - ط ١، ١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م)، واللفظ له، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد: كتاب العلم، باب في ذم الكذب (١/ ١٤٧)، وقال: «رواه البزار وأحمد بنحوه». اهـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (برقم: ٤٦٧٥)، وينظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: ٢٠٥٢).

<<  <   >  >>