للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاعتدال والتوازن في إقامة المجتمع الإسلامي، فيحافظ على مصلحة الفرد والجماعة ولا يفرط في جانب لحساب الجانب الآخر، كما يتصف المنهج الإسلامي التربوي على صعيد الحياة كلها بالتوازن بين متطلبات الحياة الدنيا ومقومات السعادة في الدار الآخرة.

يقول الله -عز وجل-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٧٧] (١)، وإن هذا المنهج التي يستمد قواعده من مصادره الأصلية وهي القرآن والسنة، تربية متكاملة وشاملة، فكما أنه يشمل جميع طاقات الإنسان الداخلية (جسمية وعقلية وروحية)؛ فإنه ينظر أيضًا للحياة الدنيا وللآخرة معًا.

فإن التربية نظام متكامل يهدف إلى إسعاد البشرية روحيًّا وماديًّا.

وقد تحقق هذا المبدأ واضحًا في منهج التربية الإسلامية، فقد سبقتها تربية مادية أحيانًا، وتربية أخرى روحية أحيانًا.

تهدف التربية الإسلامية إلى أن يكون الإنسان مدركًا عظمة الله في ملكوته يعمل لدنياه وآخرته في آنٍ واحد، قال الحق -سبحانه وتعالى- موجهًا أهل الإيمان أن يدعوه سبحانه راغبين في خيري الدنيا والآخرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١)} [البقرة: ٢٠١].

وقد عبر جرير عن هذا المعنى وهو يمدح الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، حيث يقول:


(١) أهداف وخصائص الثقافة الإسلامية. د/ مصطفى مسلم، شارك في التأليف د/ فتحي محمد الزغبي -شبكة الألوكة- ٦/ ٧/ ١٤٣٥ هـ-٥/ ٥/ ٢٠١٤ م.

<<  <   >  >>