- قَالَ أبو عمرو عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: ٤٤٤ هـ): «مكية، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة. وقال عطاء: إلا آيتين وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة أتته أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسراء: ٨٥] تعنينا أم قومك؟ قال:«كُلًّا قد عنيت». قالوا: وإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة وفيها بيان كل شيء، فقال:«هنّ في عِلم الله قليل»؛ فأنزل الله جل وعز:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}[لقمان: ٢٧] إلى آخر الآيتين» (١).
- قال المفسرون: سألت اليهود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الروح، فأنزل الله بمكة:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥]، فلما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا عنك أنك تقول:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} أفتعنينا أم قومك؟ فقال: «كُلًّا قد عنيت»، قالوا: لست تتلو فيما جاءك أنَّا قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هي في علم الله سبحانه قليل وقد آتاكم الله تعالى ما إن عملتم به انتفعتم به»، فقالوا: يا محمد، كيف تزعم هذا وأنت تقول:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦٩] فكيف يجتمع هذا؛ علم قليل وخير كثير؟؛ فأنزل الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}[لقمان: ٢٧]