الخصيصة البارزة لرسالة الإسلام، لا توجد في شريعة سماوية ولا وضعية، ولكن الشريعة الإسلامية، التي ختم الله بها الشرائع الربانية والرسالات السماوية، أودع الله سبحانه فيها عنصر الثبات والخلود، وعنصر المرونة والتطور معًا، وهذا من بدائع الإعجاز في هذه الشريعة الربانية، وآية من آياته، عمومها وخلودها، وبقائها وصلاحها لكل زمان ومكان.
ونستطيع أن نحدد مجال الثبات، ومجال المرونة، في شريعة الإسلام ورسالته الشاملة الخالدة، فنقول: إن الثبات يكون على الأهداف والغايات، والمرونة تكون في الوسائل والأساليب، الثبات يكون على الأصول والكليات، والمرونة تكون في الفروع والجزئيات.
الثبات يكون على القيم الدينية والأخلاقية، والمرونة تكون في الشؤون الدنيوية والعلمية.
دلائل الثبات والمرونة في مصادر الإسلام وأحكامه.
إن للثبات والمرونة مظاهر ودلائل شتى، نجدها في مصادر الإسلام، وشريعته وتاريخه، يتجلى هذا الثبات في «المصادر الأصلية النصية القطعية للتشريع» من كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فالقرآن الكريم هو المصدر والأصل الأول للشريعة الإسلامية، والسنة هي الشرح النظري، والبيان العملي للقرآن الكريم، وهي المصدر الثاني، وكلاهما مصدر إلهي محفوظ، لا يسع مسلمًا الإعراض عنه، قال -سبحانه وتعالى-: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النور: ٥٤]، وقال جل شأنه:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[النور: ٥١] والآيات الكريمة في هذا الصدد كثيرة ومعلومة.