التعليمي بالحكمة والموعظة الحسنة، مع روعة البيان، وتناسق العبارات والألفاظ، مراعيًا التدرج فيها ببيان وتقديم الأهم فالمهم، كل ذلك بالخطاب الحسن، والتحبب إليه بالأسلوب الجميل (يا بني) وتكراره بين الموعظة والأخرى، لكسر الحواجز النفسية وتهيئتها لتلقي الموعظة وقبولها، ولتجديد عقد وشيجة المحبة، ولبيان أن الدافع لتلك المواعظ هو واجب الأبوة، المصحوب والمقرون بالشفقة، التي تزينها أَجَلُّ معاني الحب والحنو والعطف، وما يحمله الوالد لولده من حب الخير له، والحرص على إيصال معاني الكمال إليه بمنهجه التربوي الكامل والشامل المؤدي لأسباب الرقي في مدارج تحقيق أعلى مراتب العبودية، الموصل إلى رضوان رب العالمين وإلى سعادة الدارين.
ولقد اكتفى الباحث بالثابت من صفات لقمان وهي ما آتاه الله من (الحكمة)، وتعرض لأسلوبه التربوي في موعظته لابنه، الدال على حكمته ورجاحة عقله وسعة علمه ومكنون فهمه وعلو همته وأمانته وصدقه وشفقته في نصحه وغير ذلك مما يدخل ضمنًا ويستنبط إدراكًا وفهمًا من صفاته وكريم أخلاقه المستوحاة من فحوى خطابه ونصحه ووعظه لولده، مكتفيًا بذلك عن كثير مما لم يثبت من الصفات المنسوبة إليه، وكذلك ما سبق ذكره من نسبه وموطنه ومهنته وصفاته الخِلقية، وكونه حرًّا أو عبدًا، كل ذلك لم يثبت ثبوتًا قطعيًّا بل أكثره وأغلبه من أخبار بني إسرائيل، وإن كانت الدراسة تعرضت له بشيء من البيان، ولا طائلة كبيرة من وراء ذكره، إذ لو كان ثَمَّ نفع أو فائدة من ذكره، لبينه الله أوضح بيان كما بين موعظته وجلاها للناظرين وجعلها باقية نافعة للمربين والدعاة وسائر الهداة المصلحين.