أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، وأن المظلمة والخطيئة مهما بالغ العبد في إخفائها فإن الله -عز وجل- يَعْلَمُهَا، ويُظْهِرُهَا، ويَأْتِي بِهَا يوم القيامة للحساب فيُوَفِّيَه جَزَاءَها.
٢ - وفي الآية الكريمة توجيه للمربين لسلوك مسلك لقمان في تربية الناشئة على مراقبة الله واستحضار سعة علمه واطلاعه على أحوال وأعمال عباده وإن دقت وخفيت على عموم خلقه، يقول الله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤].
ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٥)} [آل عمران: ٥]، ولأن الله تعالى ما ذكر مواعظ لقمان لابنه في كتابه إلا لتكون نبراسًا يُحتذى، ومثالًا تربويًّا يُتأسى به، ومنهاجًا للتربية الإيمانية الصالحة التي تُحقق الطمأنينة، وتُنال بها سعادةُ الدارين، وهذه الوصايا وتلك القواعد التربوية ليست لولد لقمان فحسب، بل هي مثال وأنموذج تربوي متكامل الأركان تام البنيان موجه لجميع الأجيال المسلمة المتعاقبة على مرّ الأزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
٣ - وفيها دعوة إلى غرس تعظيم الله وإجلاله سبحانه وخشيته في قلوب الخلق جميًعا ولا سيما في قلوب الناشئة، وبث روح المراقبة له سبحانه سرًّا وجهرًا في تلك النفوس، وهو ما قصده لقمان في موعظته لولده، فبمراقبته -سبحانه وتعالى- يكون صلاح أمر الدنيا والدين، وبمراقبته تصلح حياة الخلق معه سبحانه ومع عباده، وتصلح ذواتهم، وبمراقبته تكبح النفس جماحها وجماح شهواتها وهواها، وبمراقبته تسارع الأنفس لأداء الأمانات لأهلها والواجبات لمستحقيها.