للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباعث في نفس الولد على أن يبر بأمه ويستتبع البر بأبيه» (١).

ويوضح الزَّمَخْشَرِيُّ المعتزلي فيقول: «والْمَعْنَى: أَنَّهَا تَضْعُفُ ضَعْفًا فَوْقَ ضَعْفٍ، أَيْ: يَتَزَايَدُ ضَعْفُهَا وَيَتَضَاعَفُ» (٢).

ويقول ابن عطية: «وَ {وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: ١٤] مَعْنَاهُ: ضَعْفًا عَلَى ضَعْفٍ، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى مَشَقَّةِ الْحَمْلِ وَمَشَقَّةِ الْوِلَادَةِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ الْوَلَدِ وَضَعْفِ الْأُمِّ مَعَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ أَشَارَ إِلَى تَدَرُّجِ حَالِهَا فِي زِيَادَةِ الضَّعْفِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ ضَعْفَيْنِ، بَلْ كَأَنَّهُ قَالَ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَالضَّعْفُ يَتَزَيَّدُ بَعْدَ الضَّعْفِ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُهُ» (٣).

ويقول ابن الجوزي: «وَالْمَعْنَى: لَزِمَهَا بِحَمْلِهَا إِيَّاهُ أَنْ تَضْعُفَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ» (٤).

وقوله سبحانه: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: ١٤].

لا شك أن الأم عانت عامين كاملين معاناة شديدة لتتم له الرضاع إحسانًا إليه حال ضعفه يتغذى من لبنها لتتم له القوة ويشتد بذلك عوده ويقوى صلبه، وهي تعاني بذلك الضعف والوهن والجهد أشده، وفي ذلك تذكير للإنسان بعظيم حقها وجليل قدرها.

يقول ابن كثير: «وَقَوْلُهُ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: ١٤] أَيْ: تَرْبِيَتُهُ وَإِرْضَاعُهُ


(١) ابن عاشور (٢٢/ ١٥٧ - ١٥٨) بتصرف يسير.
(٢) الزمخشري (٥/ ١٢).
(٣) ابن عطية (٧/ ٤٧).
(٤) ابن الجوزي (٦/ ٣١٩).

<<  <   >  >>