للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضلال، تحقيقًا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة فأبواهُ يُهوِّدانِهِ، أو يُنصِّرانِهِ، أو يُمجِّسانِهِ كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاء، هل تحسُّون فيها من جدعاء؟» (١).

يقول ابن حجر -رحمه الله-: «يريد أنها تُولد لا جدع فيها، وإنما يجدعها أهلُها» (٢).

يقول الغزالي (٣): «فالأولاد قلوبهم الطاهرة جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشأوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركوا في ثواب والديهم، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم، والوالي لهم» (٤).


(١) البخاري (١٣٨٥) و مسلم (٢٦٥٨)
(٢) فتح الباري (٣/ ٢٥٠).
(٣) الغزالي (٤٥٠ - ٥٠٥ هـ) هو: محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي بتشديد الزاي. نسبته إلى الغزال (بالتشديد) على طريقة أهل خوارزم وجرجان: ينسبون إلى العطار عطاري، وإلى القصار قصاري، وكان أبوه غزالًا، أو هو بتخفيف الزاي نسبة إلى (غزالة) قرية من قرى طوس. فقيه شافعي أصولي، متكلم، متصوف. رحل إلى بغداد، فالحجاز، فالشام، فمصر، وعاد إلى طوس.
من مصنفاته: «البسيط»، و «الوسيط»، و «الوجيز»، و «الخلاصة»، وكلها في الفقه، و «تهافت الفلاسفة»، و «إحياء علوم الدين». طبقات الشافعية (٤/ ١٠١ - ١٨٠)، والأعلام للزركلي (٧/ ٢٤٧)، والوافي بالوفيات (١/ ٢٧٧).
نهجه وعقيدته:
أ) قال الذهبي -رحمه الله-: «وأدخله سَيَلانُ ذهنهِ في مضايقِ الكلام، ومزالِّق الأقدام». ا هـ‍ـ. سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣٢٣).
ب) وقال أبو بكر بن العربي -رحمه الله-: «شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع». ا هـ‍ـ. السير (١٩/ ٣٢٧). =
= ج) وقال الذهبي أيضًا: «وقد ألّف الرجل في ذمِّ الفلاسفةِ كتابَ «التهافت»، وكَشَفَ عوارَهم، ووافقهم في مواضعَ ظنًّا منه أن ذلك حقٌّ أو موافقٌ للملَّةِ، ولم يكن له علمٌ بالآثار، ولا خبرةٌ بالسنَّةِ النبويَّةِ القاضيةِ على العقلِ، وحُبِّبَ إليه إدمانُ النظرِ في كتابِ «رسائل إخوان الصفا»، وهو داءٌ عضالٌ، وجَربٌ مردٍ، وسمٌّ قتَّال، ولولا أنَّ أبا حامد مِن كبار الأذكياء، وخيار المخلصين لتلِف، فالحذار الحذار مِن هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شُبَه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة … ». اه‍ـ. السير (١٩/ ٣٢٨)، وللاستزادة ينظر: سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣٢٣)، ومجموع الفتاوى (١٠/ ٥٥١ - ٥٥٢)، والكشف عن حقيقة الصوفية (ص ٨٥٠)، وإحياء علوم الدين في ميزان العلماء والمؤرخين. لعلي الحلبي.
قلت: ويقولون: إنَّه خُتم له بخيرٍ، فترك التصوفَ والفلسفةَ، ومات و «صحيح البخاري» على صدره! فكان ماذا؟ وهل كان هذا الإمامُ غافلًا عن «البخاري»، وقد أودع منه أحاديث في كتابه «الإحياء»، بل قد جاء في ترجمة «الحافظ أبي الفتيان عمر الروَّاسي» أنَّه «قدم «طوس» في آخر عمره، فصحَّح عليه «الغزَّالي» «الصحيحين»!». قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣١٨) لكنَّ فضلَ اللهِ على خلقه عظيمٌ، ورحمتُه وسعتْ كلَّ شيءٍ فنسأل الله له الرحمة، لكن هذا لا يلزم منه مدحه، والثناء عليه، وتلقيبه بـ «حجة الإسلام»!! ويجب ترك ما في كتبه مِن انحرافٍ وضلالٍ.
(٤) ينظر: إحياء علوم الدين للغزالي (٢/ ٢٠٠).

<<  <   >  >>