للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في دعائه: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: ٤٠]، والله تعالى أعلم.

والله تعالى لم يشرع لعباده إلا كل ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم؛ وإنَّ من أهم شرائعه -الصلاة- فهي محققة لمصالح العباد في المعاش والمعاد.

قال العز بن عبد السلام: «التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم» (١).

وللصلاة ثمار ومنافع عظيمة كما قال ابن القيم: «اعلم أنه لا ريبَ أن الصلاةَ قرَّة عُيون المحبِّين، ولذَّة أرواح الموحِّدين، وبستان العابدين ولذَّة نفوس الخاشعين، ومحكُّ أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين هداهم إليها، وعرَّفهم بها، وأهداها إليهم على يدِ رسوله الصادق الأمين -صلى الله عليه وسلم-، رحمةً بهم، وإكرامًا لهم؛ لينالوا بها شرفَ كرامته، والفوز بقربه، لا لحاجةٍ منه إليهم، بل منَّة منه وتفضُّلًا عليهم، وتعبَّد بها قلوبَهم وجوارحهم جميعًا، وجعل حظَّ القلب العارف منها أكملَ الحظَّين وأعظمَهما؛ وهو إقباله على ربِّه -سبحانه- وفرحه وتلذُّذه بقربه، وتنعُّمه بحبه، وابتهاجه بالقيام بين يديه، وانصرافه حال القيام له بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده، وتكميله حقوق عبوديته ظاهرًا وباطنًا حتى تقع على الوجه الذي يرضاه ربُّه سبحانه» (٢).

ويقول نصر بن محمد السمرقندي: «واعلم أن مثلَ الصلاة كمثلِ مَلِكٍ اتَّخذ


(١) انتهى من «قواعد الأحكام» (٢/ ٧٣).
(٢) أسرار الصلاة، لابن القيم (ص ٥٥ - ٥٦).

<<  <   >  >>