للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا يقول أبو حيان: «ولما نهاه عن الخلق الذميم، أمره بالخلق الكريم» (١).

ويبين ابن كثير معنى القصد فيقول: «وقَوْلُه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: ١٩].

أَيِ: امْشِ مَشْيًا مُقْتَصِدًا لَيْسَ بِالْبَطِيءِ الْمُتَثَبِّطِ، وَلَا بِالسَّرِيعِ الْمُفْرِطِ، بَلْ عَدْلًا وَسَطًا بَيْنَ بَيْنَ» (٢).

ويؤكد الشوكاني نفس المعنى فيقول: «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أَيْ: تَوَسَّطْ فِيهِ، وَالْقَصْدُ مَا بَيْنَ الْإِسْرَاعِ وَالْبُطْءِ، يُقَالُ: قَصَدَ فُلَانٌ فِي مِشْيَتِهِ: إِذَا مَشَى مُسْتَوِيًا لَا يَدِبُّ دَبِيبَ الْمُتَمَاوِتِينَ وَلَا يَثِبُ وُثُوبَ الشَّيَاطِينِ، فَلَا بدَّ أَنْ يُحْمَلَ الْقَصْدُ هُنَا عَلَى مَا جَاوَزَ الْحَدَّ فِي السُّرْعَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ لَا تَخْتَلْ فِي مِشْيَتِكَ.

- وَقَالَ عَطَاءٌ: امْشِ بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، كَقَوْلِهِ: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] «(٣).

فبعد أن علَّم لقمان ابنه خلق التعامل مع الخلق، بانبساط نفسٍ وبشاشة وجهٍ ورحابة صدرٍ وإقبالِ ذاتٍ مصحوبٍ بإصغاءٍ إلى من يحدثه؛ يعقبه بتوجيهه ووعظه وإرشاده لحسن الأدب مع نفسه في مشيه متواضعًا مصطحبًا السكينة والوقار، وهذا من أظهر الأخلاق وأحسنها مع الناس ومع النفس على حدٍّ سواء.


(١) أبو حيان (٧/ ١٨٩).
(٢) ابن كثير (٦/ ٣٤٠).
(٣) فتح القدير (١/ ١١٤٣).

<<  <   >  >>