للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التكبر، ثم الأمر بخفض الصوت وهذا كله في الجانب الخلقي، ويتبين مما سلف وضوح الترابط والتلازم بين تلك الجوانب جميعًا.

- ومثال ذلك من السنة حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» (١).

فجمع الحديث بين تلك الجوانب جميعًا.

ومما لا شك فيه أن من أشد المعضلات التي تعاني منها المجتمعات المسلمة اليوم أن في جنبات بعض أبنائها المنتسبين لهذا الدين العظيم، وجود انفصام بين العلم والعمل، وبين العبادة وبين تحقيق جَني ثمارِها اليانعة وآثارها الطيبة المرجو قطافها من أثر تلك العبادة والتي من أعظمها وأَجَلِّها الجانب الخلقي، حيث أصبحت تأدية العبادة عند البعض أشبه بعبادات شكلية ظاهرة، مع أن البواطن لا يطلع عليها إلا علام الغيوب، لكن هذه العبادات لها آثار حميدة وغايات طيبة يجب أن تتجلى وتظهر على صاحبها في حركاته وسكناته، ومن أهمها وأَجَلِّهَا حسن الخلق.

إذًا فهناك خلل وانفصام واضح وكبير بين أداء تلك الشعائر التعبدية، وبين السعي الحثيث لتحقيق غاياتها ومقاصدها وأهدافها.

ولعل السبب الرئيس لهذا السلوك البعد والتخلي عن منهج التربية الإيمانية المتكاملة التي يتجلى فيها جانب الترابط والتلازم والتعاضد بين جوانب التربية


(١) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان: باب أمور الإيمان (١/ ١١) (رقم: ٩)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب شعب الإيمان (١/ ٦٣) (رقم: ٣٥)، واللفظ لمسلم.

<<  <   >  >>