أي: أن حكمه سبحانه وتعالى نافذ في جميع العباد، وهذا الحكم النافذ في جميع العباد الأصل فيه أنه حكمه القدري، فما شاء الله كان، وما شاء لم يكن، وهذا هو الذي ينفذ في الجميع: المؤمن والكافر؛ فجميع العباد نفذ فيهم وينفذ فيهم حكم الله سبحانه وتعالى، فهم جاءوا إلى هذه الدنيا بأمر الله، ويحيون بأمر الله، ويموتون بأمر الله، فحكمه فيهم نافذ، وقد يدخل في عموم هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يحكم بين العباد، كما قال تعالى:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤] ، والخلق هو التقدير، والأمر هو نفاذ شرع الله سبحانه وتعالى؛ فهو سبحانه وتعالى هو الذي يحكم بين عباده، ويشرع لهم ما يشاء؛ وبما أنه هو القاهر فوق عباده وحكمه القدري هو النافذ فهو أيضاً سبحانه وتعالى الذي له الشرع والحكم بين عباده، كما قال تعالى:{وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}[الكهف:٢٦] ، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:٣٦] ، ويقول سبحانه وتعالى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ}[القصص:٦٥-٦٦] ، وقال تعالى بعد ذلك:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ}[القصص:٦٨] ، وقال سبحانه:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤] ؛ فهو سبحانه وتعالى الذي ينفذ حكمه في جميع العباد قدراً، وهو الذي يجب أن ينفذ حكمه في جميع العباد أمراً وشرعاً.