ثم قال المصنف: [ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه، بلا حد ولا غاية:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١] ، ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه] .
قوله:(ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه) قيد مهم في منهج أهل السنة والجماعة، بمعنى: أن الأسماء والصفات توقيفية، وأنه ليس كل معنىً صحيح نثبته لله سبحانه وتعالى صفة؛ لأنه معنىً صحيح، يشبه هذا أننا لا نأتي إلى عبارة صحيحة ونقول: قال رسول الله.
فمثلاً: لو جاء واحد وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعل الخير، وأحسن إلى جارك إحساناً في الليل وفي النهار.
فهذا المعنى صحيح، وما المانع من أن يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فنقول: لا، حتى ولو كان المعنى صحيحاً فلا يجوز أن ننسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت عنه بالإسناد الصحيح.
وكذلك أيضاً لا نأتي إلى صفة من الصفات -وإن كان معناها صحيحاً- ونقول: هذه الصفة نثبتها لله.
فمثلاً: لو أن كلمة (مهندس) أعجبتنا وقلنا: إن فن الهندسة في العصر الحديث تعتبر فناً دقيقاً ورائعاً، وإن هذا الفن في خلقه رائع وعظيم جداً، فما المانع من أن نقول: إن الله هو مهندس الكون، وإن من أسمائه المهندس، ومن صفاته هذه الصفة؟!
الجواب
لا ينبغي ذلك، وإن كان المعنى صحيحاً، فلا يجوز لنا أن نصف الله إلا بما ورد.
لكن بعض العلماء قالوا: نتساهل في باب الإخبار، يعني: إذا كنت تخبر أو تشرح فلا مانع من أن تأتي بكلمات ولو لم ترد فتنسبها إلى الله سبحانه وتعالى من باب الإخبار، فتقول مثلاً: إن الله صنع هذه الكون، إذا كنت تريد أن تشرح وتوضح، لكن لا تأتي وتقول: إن من أسمائه تعالى الصانع؛ لأنه لم يثبت هذا الاسم.
فقالوا: في باب الإثبات حينما تثبت لله اسماً من أسمائه أو صفة من صفاته لابد أن يكون قد دل الدليل من كتاب الله أو من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن في باب الإخبار يجوز أن تخبر وأن توضح وأن تشرح هذه الأمور، ولو كان شرحك مما يتعلق بالله سبحانه وتعالى إذا أحسن الإنسان التعبير، وأتى بالعبارات اللائقة.