ٍبعد أن ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن الله سبحانه وتعالى يتكلم ويكلم عباده، وأن كلامه لهم حقيقة، وأنه سبحانه وتعالى يكلم عباده فيسمعونه، ذكر أيضاً بعض أدلة هذا فقال:[وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم] .
المصنف رحمه الله تعالى أورد هذا الأثر موقوفاً فقال:(وقال: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا تكلم) ، وهذا الأثر روي موقوفاً على ابن مسعود بإسناد صحيح، لكنه أيضاً روي برواية أخرى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وروايته مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً واردة بإسناد صحيح، وممن رفعها أبو داود رحمه الله تعالى في سننه وغيره، وكل من المرفوع والموقوف صحيح، لكن لما كان الموقوف أصح علقه البخاري في صحيحه، وقد ذكر الشيخ الألباني هذا الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (١٢٩٣) وقال رحمه الله: والموقوف -أي: على ابن مسعود - وإن كان أصح إلا أن له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي.
يعني: لا يمكن أن يقوله ابن مسعود من عند نفسه، فيكون حكمه حكم المرفوع.
قوله في هذا الحديث:(إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء) ، هذا يدل على إثبات كلام الله، وإثبات أن كلام الله مسموع، وهذا يرد على من قال بالكلام النفسي، أو إن كلام الله ليس بحرف ولا صوت، بل الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم، وكلامه مسموع، وأن أهل السماء يسمعون صوته وكلامه، وكذلك أيضاً لما كلم موسى وكلم محمداً وكلم آدم سمعوا ذلك.