[الرد على شبهة استلزام إحاطة السماء بالأرض أنه الجهات كلها علو]
وهنا قضية أحب أن أشير إليها في مسألة العلو؛ لأن بعض الناس سألني عنها في أكثر من مناسبة، ولأنه قد يقع في النفس منها شيء، ألا وهي كروية الأرض.
فبعضهم يقول: إن الأرض كروية، وسواء كنت هنا أو في أوروبا أو في أمريكا أو في جهة اليابان فإن السماء من فوقك، فمعنى ذلك أنك إلى أي جهة اتجهت فأنت تتجه إلى السماء.
فنقول: نعم، بالنسبة للسماء والأرض ليس هناك جهات، وإنما هناك جهتان:(فوق وتحت) وأما بالنسبة لنا ونحن على الأرض فعندنا ست جهات: (أمام، وخلف، ويمين، وشمال، وفوق، وتحت) .
فبالنسبة للسماء والأرض لو أن واحداً علق في السقف وصار رأسه تحت ورجلاه فوق فإنا نقول: السماء فوقه، ولو أن واحداً مضطجع نقول: السماء فوقه، وإذا كان نائماً على الجهة اليسرى أو على الجهة اليمنى نقول أيضاً: السماء فوقه.
إذاً: على كل حال ليس هناك إلا فوق أو تحت، والله سبحانه وتعالى هو فوق وليس تحت.
قد يقول قائل: إذاً لو خرقنا في الأرض وانتهينا إلى الطرف المقابل فإننا ننتهي إلى جهة.
نقول: نعم، لو خرقت وانتهيت إلى الطرف المقابل فإنك ستخرج إلى الجهة المقابلة وتتجه إليها.
قد يقول قائل: إذاً معنى ذلك أنني إذا اتجهت إلى أي جهة فإنني اتجه إلى الله سبحانه وتعالى.
فنقول له: هنا فرق، فما دام أنه ليس هناك إلا جهة فوق أو تحت فأنت في أي مكان على الأرض إما أن تطلب الله فوق، أو أن تطلبه تحت (وهو الذي يؤدي إلى مركز الأرض) ، وليس هناك جهة أخرى، والمعلوم أن الله سبحانه وتعالى فوق السماوات، وأنه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء عليم خبير.
إذاً: مقتضى هذا أن نؤمن -في أي مكان كنا على الأرض- بأن الله سبحانه وتعالى فوقنا.