ثم قال المصنف: [وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ حصين -وهو والد عمران بن حصين -: (كم إلهاً تعبد؟ قال: سبعة: ستة في الأرض وواحداً في السماء؛ قال: من لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء) ] .
أي: أنه كان يعبد ستة أصنام في الأرض، وواحداً في السماء، أي: الله سبحانه وتعالى، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له:(من لرغبتك ورهبتك؟) ، أي: من هو الذي تعلم أنه يقدر على تحقيق الخير الذي تريده وكشف الضر الذي تخشاه وتريد زواله؟ قال:(الذي في السماء) أي: الله سبحانه وتعالى.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (فاترك الستة، واعبد الذي في السماء؛ وأنا أعلمك دعوتين، فأسلم، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي) ] .
هذا الحديث حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، ووجه الدلالة منه قوله:(وواحداً في السماء) ، وهذا يدل على أنه يقصد أن الله سبحانه وتعالى في العلو، ولهذا قال:(من لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء) .
وهذا دال على أن حصيناً كان يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى في السماء حتى قبل إسلامه، ولقد كانوا في الجاهلية يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى في السماء، وهذا معروف ومشهور عند الجاهليين، فهذا الحديث دل على إثبات العلو لله سبحانه وتعالى.
وفيما أسلفنا في تفسير الآية السابقة:{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك:١٦] ذكرنا أنه لا يقول قائل أبداً: إن معناها أن السماء تحيط به، أو أنه داخلها، وإنما معناها أنه في العلو، أو على السماء، وكلا المعنيين صحيح.