للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم المخالطة والسلام على من ينفي الصفات والقدر ويسب الصحابة رضي الله عنهم]

السؤال

هناك طائفة من الطوائف غالية في باب نفي الصفات غلواً فاحشاً؛ حيث ينفون الرؤية واليدين وسائر الصفات؛ بحجة التشبيه، ويقولون: إن المعاصي ليست من قدر الله، ويسبون بعض الصحابة الذين قاتلوا علياً رضي الله عنهم أجمعين؛ فهل يجوز مخالطتهم والسلام عليهم مع إصرارهم؟

الجواب

هذه الطائفة تجمع بين شيء من التشيع وبين تبني أقوال المعتزلة، ومعلوم أن بعض الطوائف -كالرافضة والزيدية- تبنت مذهب المعتزلة في باب القدر والصفات، بل الإباضية -وهم خوارج- الذين على الضد تماماً من الرافضة تبنوا أيضاً أقوال المعتزلة في الصفات والقدر والقول بخلق القرآن ونفي رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة؛ فهذا الذي قالوه هو مذهب المعتزلة؛ وما ذكروه من نفي الصفات ونفي الرؤية وأن المعاصي ليست من قدر الله هذا قول المعتزلة القدرية.

وأما هل تجوز مخالطتهم والسلام عليهم، فهذا أمر يضبط بضابط الموقف من أهل الكتاب؛ لهذا نفرق بين الداعية إلى البدعة منهم وغير الداعية، ونفرق بين من كان منهم عارفاً بالحق تاركاً له عن قصد ومن كان منهم مقلداً لشيخه، فالواجب علينا أن نرد عليهم، وأن نبين ضلالهم في هذا الباب، وأن ندعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا كنا نريد أن ندعوهم إلى الله فلابد أن نختلط معهم، ونبين ما عندهم من ضلال.

ثم مع ذلك كله نكره ما عندهم من بدع؛ فما دامت بدعهم قد لا تصل إلى حد الكفر فإننا يجب أن نحفظ لهم ما شاركونا فيه، وهو الإسلام، ونكره ما هم فيه من بدعة، وهذا منهج السلف: الولاء لجميع المؤمنين، والبراء من جميع الكافرين، فمن لم يرتكب منهم ناقضاً لا يكفر، أما من ارتكب منهم ناقضاً من نواقض الإسلام فحكمه حكم الكفار، فالولاية تكون لجميع المؤمنين، والبراءة تكون من جميع الكافرين؛ فالمسلمون المرتكبون لبدعة أو الواقعون في فسق أو كبيرة يوالون على قدر إيمانهم، ويعادون على قدر بدعتهم أو فسقهم إذا كانت بدعتهم غير مكفرة، أما إذا كانت مكفرة يخرج الإنسان بها عن دائرة الإسلام مثل بعض الفرق والطوائف فهؤلاء حكمهم حكم الكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>