ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ما بين السماء إلى السماء مسيرة كذا وكذا -وذكر الخبر إلى قوله- وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك) ] .
هذا الحديث أيضاً رواه الترمذي وحسنه، وبعض العلماء تكلم في إسناده، ورواه أيضاً أبو داود وابن ماجة وغيرهم.
وهذا الحديث أيضاً دال على إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى، ففيه:(أن ما بين السماء إلى السماء مسيرة كذا) ، أي: خمسمائة عام؛ ولكن الشاهد قوله:(وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك) ، وهذا نص صريح على أن العرش فوق السماوات، وأن الله سبحانه وتعالى فوق العرش، وهذا دليل على إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى.
فهذه بعض الأدلة على إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى، وبقيت الإشارة إلى أن الأدلة في هذا كثيرة؛ فأحاديث النزول دالة على العلو، فقوله صلى الله عليه وسلم:(ينزل ربنا) يدل على أن الله في السماء، وهكذا أحاديث العروج والصعود إليه، كما في قوله تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}[فاطر:١٠] ، وقوله:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}[المعارج:٤] ، أي: إلى الله سبحانه وتعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين وغيرهما- عرج به إلى الله سبحانه وتعالى حتى بلغ سدرة المنتهى، وكلمه ربه تبارك وتعالى من غير واسطة.
وهذه الأدلة تزيد على ألف دليل، وكلها دالة على أن الله سبحانه وتعالى في العلو، ونحن نثبت ذلك ونقول: إن الله سبحانه وتعالى في علو فوق السماوات على العرش استوى، وأنه سبحانه وتعالى فوق خلقه بائن منهم، ومع ذلك لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.
ونكتفي بهذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والهداية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.