[معنى اتفاق السلف وأئمة الخلف على الإقرار والإمرار]
ثم قال المصنف:[كلهم متفقون على الإقرار والإمرار] .
قوله (على الإقرار) أي: الإقرار واليقين والإيمان والإثبات لتلك الصفات الواردة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقوله:(والإمرار) أي: أنهم يمرونها ولا يتعرضون لتأويلها وتحريفها.
ولذا قال المصنف:[والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله] .
وهذا واضح المعنى، ولكن نقف عند قوله:(والإمرار) ؛ لأنه ورد عن جمهرة من السلف أنهم سئلوا عن الصفات، فقالوا: أمروها كما جاءت.
فهل معنى قولهم:(أمروها كما جاءت) أن نمر بلفظها دون التعرض لها، ودون إثبات ما دلت عليه من المعاني؟ نقول: بعض المفوضة ظنوا أن مثل هذه العبارة دليل لهم على التفويض، لكن الصحيح أنها ليست كذلك؛ فإن السلف رحمهم الله تعالى أثبتوا الصفات، وأثبتوا ما دلت عليه، ثم إذا سئلوا عن الصفات قالوا: أمروها كما جاءت، يعني: لا تتعرضوا لتأويلها كما تعرض لها أهل التأويل.
والدليل على ذلك أنه ورد عن السلف مثل هذه العبارة في غير ما حديث، فسئل الإمام أحمد عن أحاديث الوعيد، كقوله عليه الصلاة والسلام:(اثنتان في أمتي هما بهم كفر) وقوله: (والله! لا يؤمن) ، وقوله:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) ، فقال رحمه الله تعالى: تمر كما جاءت.
وسأله بعضهم عن أحاديث الفضائل، أي: التي فيها الفضل العظيم، فقال: تمر كما جاءت، يعني: لا نتعرض لتأويلها وتحريفها والخوض فيها على غير المنهج الحق.
فدل على أن كلمة (تمر كما جاءت) ليست خاصة بصفات الله؛ حتى لا يأتي قائل ويقول: المقصود بذلك التفويض، وإنما المقصود -كما أشرنا- عدم التعرض لها بتحريف أو بتأويل أو تعطيل أو نحو ذلك.