[وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعذاب القبر ونعيمه حق] .
عذاب القبر ونعيمه دلت عليه الأدلة القرآنية، قال الله تعالى عن فرعون وقومه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦] ، والنار التي يعرضون عليها هي عذاب القبر، فعذاب آل فرعون دليل على أنهم يعذبون قبل دخولهم النار، وعلى هذا فإن المؤمن أيضاً ينعم قبل دخوله الجنة.
وقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، كحديث البراء بن عازب وغيره عن عذاب القبر ونعيمه حينما ذكر قصة الموت، وفيه أن المؤمن يوسع له في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه من نعيمها وروحها إلى آخره.
وعكسه الكافر؛ فإنه يفتح له باب إلى النار، ويأتيه من سمومها وحميمها.
كذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى إلى قبرين: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) ، فهذا دليل على عذاب القبر ونعيمه.
وأما كيف يتم عذاب القبر ونعيمه؟ فيتم على أي حالة كان عليها الإنسان؛ لأنه أمر غيبي، وهذا العذاب والنعيم هو للجسد وللروح، هذا هو القول الصحيح، وأما كيف يتم هذا؟ فهذا أمر غيبي.
فلو أن واحداً أكلته السباع فتحول إلى أن يكون طعاماً يجري في دمائها وعروقها فإنه يعذب أو ينعم.
ولو أن واحداً أحرق -كما هو عند الهندوس- فإنه يعذب أو ينعم، فالهندوس عندهم من الطقوس أنه يأتي الواحد ويحرق أعز الناس إليه، كما نشر في الصحف صورة إحراق غاندي، حينما أحرقها ولدها أمام الناس؛ لأن هذا طقس بوذي عندهم، حيث أتى بالنار ووضع جسدها وأحرقها، لتنال عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة.
نسأل الله السلامة والعافية! إذاً: هذا الذي أحرق أو أكلته السباع، أو أكلته الأسماك، أو غرق أو مزق، أو أكلته الأرض، أو قطع أو غير ذلك، يعذب أو ينعم بحسب أعماله، وأما كيف يتم هذا؟ فهذا غيب لا نعلمه، لكن نؤمن بذلك ونصدقه.
قال: [وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه، وأمر به في كل صلاة] .
وهذا في الأحاديث الصحيحة أنه كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ دبر كل صلاة من عذاب القبر، ومن المسيح الدجال، وأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة.