قال المصنف: [روى ابن عمر أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، فقال جبريل: صدقت) ، رواه مسلم] .
وهذا دليل الإيمان بالقضاء والقدر من السنة النبوية؛ فإنه صلى الله عليه وسلم جعل الإيمان بالقضاء والقدر ركناً من أركان الإيمان، ولذا لا يستقيم إيمان عبد إلا بأن يؤمن بالقضاء والقدر، كما في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال:(والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لا يؤمن أحدهم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه) أي: يؤمن بأن كل ما جرى فهو بقضاء الله وقدره.
وكذلك أوصى عبادة بن الصامت رضي الله عنه في مرض موته ولده فقال له:(يا بني! إنك لن تجد طعم الإيمان؛ حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك) .
فإذاً: الإيمان لا يكون إلا بالإيمان بالقضاء والقدر، والتصديق به، وأن الله سبحانه وتعالى له الربوبية، وأن ربوبيته مقتضية لأن يكون هو المدبر الخالق الرازق، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
قال المصنف رحمه الله: [وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (آمنت بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره) ] .
هذا الحديث رواه الطبراني وغيره، وهنا قوله:(خيره وشره) وردت هذه اللفظة في صحيح مسلم، فعلى العبد أن يؤمن بالخير والشر، وأن كل ما يجري فهو بقضاء الله وقدره.
وقوله:(حلوه ومره) حلوه: ما يرضى عنه الإنسان ويريده، سواء كان من طاعة لله، أو كان من أمور الدنيا التي تحبها النفس وتهواها، ومره: ما سوى ذلك، فيؤمن أن كل ذلك بقدر من الله تبارك وتعالى.
قال المصنف: [ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر: (وقني شر ما قضيت) ] .
وهذا الحديث صحيح، وهو في قنوت الوتر.
إذاً: كل ما قضاه الله سبحانه وتعالى فهو بقدر، ومن ثمَّ يدعو العبد ويقول:(اللهم قني شر ما قضيت) ، فهذا دليل على أن كل ما يجري من خير أو شر فهو بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره.