ثم قال المصنف: [ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات، قال تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:٢٨]] .
أي: أن هؤلاء الأنبياء وغيرهم لا يشفعون إلا لمن رضي الله عنه، وهم من خشيته وخوفه سبحانه وتعالى مشفقون، وهذا قد دلت عليه الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم قال المصنف:[ولا تنفع الكفار شفاعة الشافعين] .
هكذا كما قال تعالى عن الكفار:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر:٤٨] ، فإن الكفار لا ينالون الشفاعة، ولهذا فإن من شرط الشفاعة التي تقتضي إخراج المعذب من النار أن يكون مسلماً، أما الكافر فلا شفاعة له.
أما شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي طالب فتلك شفاعة خاصة بتخفيف العذاب عنه، ومع ذلك فإن أبا طالب يعذب في النار، ولا يظن أن أحداً من أهل النار أشد عذاباً منه، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أهون الناس عذاباً في النار من يوضع تحت أخمص قدميه جمرتان من نار) وفي وراية: (أنه في ضحضاح من النار، يغلي منهما دماغه، ما يظن أن أحداً من أهل النار أشد عذاباً منه) ، أما الخروج من النار فلا، فكل من ماتوا على الكفر -نسأل الله السلامة والعافية- فإنهم لا يخرجون منها أبداً؛ ولهذا قال المصنف:(ولا تنفع الكافر شفاعة الشافعين) .