نعم، لابد من القدرة؛ فإن الخروج من غير قدرة يؤدي بالمسلمين إلى التهلكة، فلو أن واحداً يعيش في بريطانيا، والحكومة كافرة لا شك في ذلك، وقال: هل يجوز لي الخروج عليهم؟ فنقول: نعم يجوز، ونتمنى أن تقيموا دولة الإسلام هناك، لكن لو قال: ما رأيكم لو خرجت، فنقول: لا تخرج؛ لأنكم لا تستطيعون.
والرسول صلى الله عليه وسلم بقي في مكة، وكثر العدد، وكان الرسول معهم، وكان بعض المسلمين يموت تحت التعذيب، ومع هذا لم يأمر الرسول بالانتقام، حتى إنه أمر بالإحصاء وقال:(أحصوا كم يلفظ الإسلام) ، فإذا هم قرابة الخمسمائة.
بل لما أسلم بعض أهل المدينة وجاءوا في بيعة العقبة الكبرى في منى، وصاح الشيطان وقال بعضهم لما سمعوا صيحة الشيطان: يا رسول الله! إن شئت لنميلن على أهل منى، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:(لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم) ، فكل ذلك دال على أنه إذا كان المسلمون مستضعفين ليس لهم مكان يؤويهم فلا يجب عليهم الجهاد، والرسول ما بدأ الجهاد إلا بعد أن كانت المدينة داراً للمؤمنين تؤويهم، حيث كان يرسل الجيش ويرجع إلى مكان آمن.
وهذه القضية يخطئ فيها كثير من الجماعات الإسلامية، فلا يكون الجهاد إلا إذا وجد مكان يؤويهم، وهذا هو الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الأجر والثواب، وألا يحرمنا ذلك، وأن يوفقنا جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.