قال المصنف:[فيقفون في موقف القيامة حتى يشفع فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم] .
هذا بيان للشفاعة العظمى والكبرى المسماة بالمقام المحمود، وهي أن الناس يقفون في العرصات على هذه الحالة عراة حفاة، وتدنو الشمس منهم، ويشتد كربهم، فيطالب الجميع بفصل القضاء، فجميع الناس المؤمن منهم والكافر يطالب بفصل القضاء؛ لشدة الكرب الذي هم فيه، فيتساءلون فيقولون: ابحثوا عن وسيلة، ابحثوا عن شافع إلى ربكم حتى يقضي الله بينكم، فيذهبون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، وكل واحد من هؤلاء يعتذر عن الشفاعة، وكل منهم يوجه الناس إلى النبي الذي بعده، حتى يقول عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون: يا محمد! نطلب منك أن تشفع لنا إلى ربك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا لها، ثم يسجد تحت العرش ويلهمه الله سبحانه وتعالى بمحامد ما ألهمه إياها من قبل، فيقول الله له بعد ذلك: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط واشفع تشفع، وحينئذٍ يحمده الخلائق على هذا، وينزل الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء.
والمقصود هنا الشفاعة العظمى التي هي المقام المحمود، أما أنواع الشفاعات الأخرى فسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.