قال المصنف:[وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام] .
وهذا أيضاً من خيرية هذه الأمة، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم أفضل صحابة نبي، فهم خير من صحابة إبراهيم، ومن صحابة نوح، ومن حواريي عيسى، ومن أتباع موسى؛ ولهذا فإن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لهم من الفضل العظيم ما يجب أن يحفظه كل مسلم لهم؛ وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(خير القرون قرني، ثم الذي يلونهم، ثم الذي يلونهم، ثم يلونهم) ، ومثل هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:(لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) ، والمد ربع الصاع والنصيف نصف الصاع، وهذا لبيان فضلهم.
وينبغي أن تعلموا أن فضل هؤلاء الصحابة إنما هو لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم، واجتمع به مؤمناً به عليه الصلاة والسلام، ومات على ذلك.
فيخرج بذلك من لقيه وهو كافر، ثم لم يجتمع به بعد ذلك ولو آمن، ويخرج أيضاً من لقيه وهو مؤمن ثم ارتد ومات كافراً.
وهؤلاء الصحابة لهم أفضلية الصحبة التي لا يشاركهم فيها أحد ممن جاء بعدهم مهما بلغ عمله، وقد يقول قائل: فما معنى حديث: (يأتي في آخر الزمان أناس يكون أجر العامل منهم كأجر خمسين منكم) ؟ فنقول: نعم، قد يأتي بعد الصحابة من هو أكثر عملاً، أي: أن أعماله الصالحات كثيرة أكثر من بعض آحاد الصحابة، فيكون أكثر منه عملاً بهذا الخصوص، ولكن هذا العمل كله لا يبلغ درجة الصحبة، أي أن ذلك الصحابي نال أفضلية خاصة اسمها درجة الصحبة، لا يبلغها ولا ينالها أحد إلا من كان صحابياً، أما من جاء بعده ولو عمل ما عمل فإنه لا ينال هذه الدرجة، فهي درجة تشريف وفضل أجره عظيم عند الله، ولا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ومن ثمَّ فإنه لا يناله إلا من كان صحابياً، أما من جاء بعده فقد يكون له من العمل ما ينال به أجراً كثيراً عند الله سبحانه وتعالى، فوضح الفرق بين الأمرين.