قال المصنف: [وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور: (فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون) ] .
إسرافيل هو أحد الملائكة المعروفين، والصور لغة هو القرن، والمقصود به هنا قرن لا يعلم قدره إلا الله سبحانه وتعالى ينفخ فيه إسرافيل إذا أذن الله سبحانه وتعالى له بذلك.
وقوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ}[يس:٥١] ، الأجداث هي القبور أي: إذا هم من القبور إلى ربهم يسرعون للحساب وللجزاء.
وبالنسبة للنفخ في الصور اختلف فيه العلماء، والوارد مؤكداً أن هناك نفختين: نفخة الصعق، ونفخة البعث، وبعضهم يجعلها ثلاثاً: نفخة الصعق، ونفخة الفزع، ونفخة البعث، لكن الشيء المؤكد الذي دلت عليه الأدلة أن هناك نفخة يصعق منها الناس جميعاً، ويموت فيها من كان حياً على وجه الأرض، وهذا معنى قولنا: إن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، ومعنى قيام الساعة هنا بدايتها، وهي النفخة الأولى التي يصعق فيها الجميع فيموتون، حتى الملائكة، وحتى حملة العرش، وحتى ملك الموت، ولا يبقى أحد حياً إلا الواحد القهار، وحينئذٍ يأخذ الله السماوات بيمينه والأرضين بشماله ويهزهن ويقول: أنا الملك، أنا الجبار، أين ملوك الأرض؟! لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فيجيب نفسه سبحانه: لله الواحد القهار.
ثم تأتي النفخة الثانية التي هي نفخة البعث، كما قال تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر:٦٨] ، فالنفخة الثانية تكون للبعث بعد الموت، وحينئذٍ يقوم الناس لرب العالمين للحساب والجزاء، ولهذا قال:{فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ}[يس:٥١] ، وذلك بعد النفخة الثانية، فإنهم يخرجون من قبورهم إلى المحشر.