ثم إن الشيخ رحمه الله تعالى ذكر صفة أخرى فقال: [وقوله سبحانه وتعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر:٢٢] وقوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ}[البقرة:٢١٠]] .
وهاتان الآيتان دالتان على صفة المجيء والإتيان لله سبحانه وتعالى؛ وهما من الصفات الفعلية التي يتصف بها ربنا سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظمته، وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة المجيء، ويثبتون صفة الإتيان؛ لأن النصوص من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم دلت عليها، ولهذا قال الله تعالى:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}[البقرة:٢١٠] ، وقال في آية أخرى:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}[الأنعام:١٥٨] ، فقوله:(يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) دليل على بطلان من تأول ذلك؛ لأنه ميز بين إتيان الرب وإتيان الآيات، ولو كان إتيان الرب هو إتيان الآيات أو بعض عباد الله أو نحو ذلك كما يقول المتأولة لما ذكره هنا وميزه، وهذا واضح الدلالة.
والمخالفون لمنهج أهل السنة والجماعة يقولون:(وجاء ربك) أي: وجاء أمر ربك؛ (يأتي ربك) أي: يأتي أمر ربك، أو يأتي ملك من الملائكة، أو غير ذلك؛ وهذا كله من باب التأويل الباطل؛ فإن هذه النصوص قد دلت على أن الذي يأتي هو الله سبحانه وتعالى، وأن مجيئه وإتيانه كما يليق بجلاله وعظمته لا يلزم منه لوازم النقص التي نعلمها على المخلوقين؛ ولهذا ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث الطويل المتعلق بيوم القيامة:(حتى إذا لم يبق إلا من يعبد الله أتاهم رب العالمين) ، وهذا نص صريح أن الذي أتاهم هو رب العالمين سبحانه وتعالى؛ أما تأويله بأنه أمر ربك أو نحو ذلك فهو مخالف لهذه النصوص الصريحة الدالة على أن الذي يتصف بها هو الله تبارك وتعالى.