ثم قال المصنف رحمه الله تعالى:[وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة: أنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء] .
هذا الكلام مروي عن عدي بن عميرة بن فروة الكندي، وقد رواه عنه بإسناده ابن قدامة في كتابه (العلو) ، والذهبي، وقال الذهبي عن هذا الكلام: إنه غريب، أي: أنه لم يرو بإسناد صحيح يعول عليه، وإنما هو نقل من كتب الأقدمين، فقوله في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:(إنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلههم في السماء) نقول: مثل هذا اللفظ إذا كان وارداً في الكتب السابقة فمن المؤكد أن فيه تحريفاً؛ لأن قوله:(يسجدون بالأرض) هذا صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم قال عن الخصائص التي اختصت بها أمته:(وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) ، وهذا من خصائص هذه الأمة.
لكن التحريف -والله أعلم- هو في قوله:(ويزعمون أن إلههم في السماء) ؛ لأنه لو كانت العبارة ويقولون أو ويقررون أو ويعتقدون أو نحو ذلك لقلنا: إن هذه العبارة ربما تكون صحيحة المعنى.
أما إسنادها فقد تبين أنه ليس مما يعتمد، وأن الذهبي قال فيه: إنه غريب.
لكن يكون المعنى صحيحاً؛ وأما قوله:(ويزعمون) فالزعم فيه نوع من الانتحال، والله عز وجل في السماء حقيقة وليس ادعاءً.