ثم قال المصنف رحمه الله تعالى:[وأما النسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف الأربع فليس بمذموم؛ فإن الاختلاف في الفروع رحمة] .
لم يرد في ذلك حديث صحيح، لكن قد رحم الله هذه الأمة بالتوسعة عليها، والصحابة كانوا يجتهدون ويختلفون.
فالانتساب إلى المذهب المالكي أو الشافعي أو الحنفي أو غير ذلك ليس فيه بدعة، إنما يكون بدعة إذا تحول إلى تعصب، ورفض للدليل الحق، أو إلى تنقص من الأئمة الآخرين، فإذا أدى إلى تعصب مذموم، أو تنقص بالأئمة الآخرين، فإنه حينئذٍ يكون انتسابه إلى هؤلاء أو أحدهم مذموماً.
فمن انتسب إلى الحنفية أو المالكية أو الحنابلة وقال: إن معهم الحق، وتعصب ولو جاءه الدليل الصحيح، أو انتقص الآخرين، وقال: المذهب الحق هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل أو أبي حنيفة وما عداهم فمذهبه غير حق، فنقول: هذا تعصب مذموم.
ثم قال المصنف:[والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة] .
وهذا واضح جداً، فما اتفق عليه المسلمون وأجمعوا عليه فهو حجة، وما اختلفوا فيه فإننا نحمدهم عليه، لكن الواجب علينا أن نتبع من كان معه الدليل، ولو أن الإنسان انتسب إلى المذهب الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي ثم رأى في مسألة من المسائل أن الدليل مع القول الآخر والمذهب الآخر، فالواجب عليه أن يتبعه.
ثم دعا المصنف رحمه الله تعالى بهذا الدعاء العظيم فقال:[نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله آمين] .
ونحن أيضاً ندعو معه بهذا الدعاء ونقول: اللهم إن نسألك أن تعصمنا من البدع ومن الفتنة، وأن تحيينا على الإسلام والسنة، وأن تجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، وتحشرنا في زمرته بعد الممات برحمتك يا أرحم الراحمين! وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.