ثم قال المصنف مستشهداً: [ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:١١٠]] .
وهذا مؤكد لما قلناه من قبل؛ فهو سبحانه وتعالى يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ويعلم ما أمامهم مما سيعملونه، سواء عملوه بتخطيط منهم وإرادة أو غير ذلك مما سوف يقع لهم من مقدورات الله سبحانه وتعالى المستقبلية، كما أنه يعلم ما خلفهم مما عملوه، إذ قد أحصاه الله سبحانه وتعالى وعلمه وكتبه؛ وعلى هذا فإن علم الله أحاط بكل شيء سابق ولاحق، والله تبارك وتعالى علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، كما قال تعالى عن الكفار حينما يقفون بين يدي الله تبارك وتعالى ويطلبون الرجعة:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال:٢٣] ، هذا في الدنيا؛ وقال عنهم في الآخرة:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[الأنعام:٢٨] ، ولا تظنوا أن هذا من باب التقدير، بل هذا من باب العلم اليقين الكامل لله، فإن الكافر وهو واقف بين يدي الله يوم القيامة يشاهد العذاب ويوقن بالحقيقة التي لا مراء فيها يرى الحقيقة بأم عينيه ويرى البعث والجزاء والحساب والنار والجنة، قال الله عنه:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[الأنعام:٢٨] ، أي: أن هذا الكافر لو عاد إلى الدنيا لعاد إلى كفره وشره، وربما لو عاد إلى الدنيا لقال: قد قلنا لكم إن الأمر الصحيح، فهانحن قد رجعنا إلى الدنيا مرة أخرى؛ لكن قوله تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا}[الأنعام:٢٨] هذا من باب العلم، فالله تعالى يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فهو سبحانه وتعالى علم ما كان وما لم يكن.