ثم قال رحمه الله تعالى:[ومن صفات الله تعالى: أنه متكلم بكلام قديم، يسمعه منه من شاء من خلقه] .
وهنا بدأ المصنف يتكلم عن إثبات صفة الكلام لله، وقد ذكر قبل ذلك بعض الصفات، وأعقبها بصفة العلو والاستواء، ثم ذكر كلام الله سبحانه وتعالى.
فمن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم، ولفظة (قديم) يرى بعض العلماء أنه لم يرد وصف الله سبحانه وتعالى بالقدم؛ لأن القديم في اللغة العربية هو المتقدم على غيره، والله سبحانه وتعالى ليس له غير حتى يقال: إنه متقدم عليه، ومن ثمَّ قالوا: إن الأولى وصفه تعالى بالأزلي، والأصح منه أيضاً الاسم الشرعي (الأول الذي ليس قبله شيء) لكن ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود أنه قال: (من قال حين يدخل المسجد: أعوذ بالله العظيم وسلطانه القديم) ، وهذا يدل على أن القديم قد يستعمل أحياناً مرادفاً للأزلي.
وقوله:(إنه متكلم بكلام قديم) ، أي: أزلي، وأهل السنة والجماعة يثبتون لله سبحانه وتعالى صفة الكلام على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لكنهم يقولون: إن كلامه تبارك وتعالى قديم النوع حادث الآحاد؛ لأن الكلام من صفات الأفعال، أي أنه تبارك وتعالى يتكلم إذا شاء متى شاء، وهو سبحانه وتعالى يتصف بصفة الكلام أزلاً، وهو سبحانه وتعالى يتكلم بإرادته ومشيئته؛ ولهذا قال العلماء: هو قديم النوع حادث الآحاد، فقولهم:(قديم النوع) أي أن الله متصف بهذه الصفة في الأزل، وقولهم:(حادث الآحاد) أي أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء.