[وجوب الإيمان بما صح من الأسماء والصفات من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل]
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته] .
وهذا أيضاً مهم جداً؛ فإن قوله: (مما صح سنده وعدلت رواته) يعني أننا لا نثبت هذه الصفات من هذه الأحاديث إلا إذا كانت هذه الأحاديث ثابتة بطرق صحيحة رواتها عدول ثقات، ليس فيها انقطاع، وليس فيها شذوذ ولا علل؛ وإنما هي رواية صحيحة ثابتة.
ثم قال: [نؤمن به، ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره] .
أي: لا نرده كما رده بعض الذين يردون أخبار الآحاد ويقولون: لا نقبلها في باب العقيدة، وكذلك أيضاً لا نجحده لأنه ثبت بطرق صحيحة.
وكذلك أيضاً قال: (لا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره) ، فهو رد على من يرد السنة، كما أنه رد على من يقبل السنة لكنه يتأول؛ لأن بعض أهل الكلام وبعض المؤولة يقبل السند، ويقول: لا نرد هذا الحديث بل نثبته؛ لأنه وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه يتأول هذا الحديث إذا ورد في صفة من صفات الله سبحانه وتعالى؛ فهو لا يرده رداً مجملاً أو رداً كاملاً، وإنما يرده رداً معيناً، بمعنى: أنه يتأوله ذلك التأويل الذي يؤدي إلى نقض ما دل عليه من معنى وما قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أخبرنا بهذا الحديث وأمثاله.
ثم قال بعد أن رد على أهل التأويل: [ولا نشبهه بصفات المخلوقين] .
وهذا هو منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى؛ فإنهم يثبتون الصفة ولا يشبهون الله سبحانه وتعالى بصفات المخلوقين، فلا يقولون: إن صفة الله تعالى كصفة كذا أو كذا من المخلوقات.
ثم قال: [ولا بسمات المحدثين] .
أي: علامات المحدثين؛ والمحدثون هم المخلوقون، سواء كانوا بشراً أو ملائكة أو نجوماً أو حجارة أو غير ذلك، فأهل السنة والجماعة لا يشبهون الله سبحانه تعالى بشيء من ذلك.
ثم قال: [ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير] .
فلا شبيه له سبحانه وتعالى، ولا نظير له، ولا مثيل ولا مثل، ولهذا استشهد بقوله سبحانه وتعالى: [ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١]] .
فنفى عن الله المثل، وأثبت لله الصفات مستشهداً باسميه تبارك وتعالى: السميع البصير، وهما دالان على صفة السمع وصفة البصر لله سبحانه وتعالى، وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى، وقد سبق بيان ذلك.
ثم إن المصنف رحمه الله تعالى قال: [وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه] .
وهذا لنفي التكييف، أي: أن البشر لا يستطيعون أن يكيفوا ذاته ولا صفاته، ولهذا فكل ما توهمه الإنسان في صفة من صفات الله سبحانه وتعالى فإن الله تبارك وتعالى بخلاف ذلك؛ لأن الله تعالى لا يعلم ذاته إلا هو، ولا يعلم صفاته إلا هو سبحانه وتعالى؛ فأهل السنة والجماعة لا يكيفونها، ومهما بلغت خيالات الإنسان ليثبت لله سبحانه وتعالى قريباً من صفة من صفاته فإن الإنسان لا يستطيع ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى أعظم وأجل مما خطر بالبال، بل هو تبارك وتعالى على خلاف ما خطر ببالك؛ وهذا منهج أهل السنة والجماعة.