وهذه الصفة أثبتها السلف رحمهم الله تعالى، وأثبتها الأشاعرة؛ لأنهم يثبتون سبع صفات ومنها صفة الكلام، لكن إثبات السلف رحمهم الله تعالى لها هو إثبات حقيقي، أما إثبات أولئك لها فهو مخالف لما دلت عليه النصوص.
وحتى نبين مذهب السلف في كلام الله فإننا نذكر قول المعتزلة وقول الأشاعرة؛ لأن هذه القضية هي التي بني عليها القول بخلق القرآن، فعند المعتزلة أن كلام الله تعالى هو شيء منفصل عنه، فهو مخلوق، فهم يقولون: إن الله لا تقوم به صفة الكلام، ولهذا قالوا: إن هذا الكلام وهذا القرآن من جنس مخلوقاته؛ فكما أنه خلق السماوات والسماوات منفصلة عنه، كذلك أيضاً تكلم بالقرآن والقرآن مخلوق منفصل عنه، ومن ثمَّ قالوا: القرآن مخلوق؛ لأنهم لا يثبتون لله صفة الكلام التي تقوم به تبارك وتعالى؛ هذا مذهب المعتزلة.
والأشاعرة في مقابل ذلك قالوا: نثبت لله صفة الكلام، لكن الكلام هو الكلام النفسي القائم بذاته، ولا ينفصل عنه.
إذاً: هما قولان متضادان، فالمعترلة يقولون: لا تقوم به صفة الكلام، وكلامه من جنس مخلوقاته، فهو مخلوق منفصل عنه، والأشاعرة يقولون: الله تقوم به صفة الكلام، وكلامه لا ينفصل عنه، أي أن الله سبحانه وتعالى يتصف بصفة الكلام أزلاً، وأن كلامه قائم بذاته، وأن الكلام هو ما قام بالنفس فقط، ومن ثمَّ قالوا: إنه بغير حرف وبغير صوت، وعلى هذا فالكلام عندهم هو الكلام الذي في داخل النفس، كما يقال: خواطر النفس، لكن ليس هناك كلام بحرف وصوت مسموع، فجعلوا هذا الوصف لله سبحانه وتعالى.