فالإيمان بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى مرتبط بالإيمان بالقضاء والقدر، ولهذا قال رحمه الله تعالى:[ومن صفات الله تعالى: أنه الفعال لما يريد لا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته] .
فمن صفات كماله تبارك وتعالى أنه عليم أحاط علمه بكل شيء، فعلم ما كان وما لم يكن، وما سيكون، وما هو كائن، علم سبحانه وتعالى كل شيء مما سبق، ومما سيأتي، وهذا هو علمه المحيط بكل شيء، وهذه أولى مراتب القدر الأربع التي ربما يعرض لبعضها المصنف.
المرتبة الثانية: مرتبة الكتابة، فإن الله سبحانه وتعالى كتب ما هو كائن إلى قيام الساعة، ولهذا ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: رب! وما اكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) ، وفي الحديث الآخر الصحيح أيضاً:(قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) ، رواه مسلم.
فهذه أدلة دالة على أن الله كتب، وفي القرآن العظيم أيضاً أدلة على أن الله سبحانه وتعالى كتب ذلك، منها قوله تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[الحج:٧٠] ، والأدلة على إثبات الكتابة كثيرة جداً.
المرتبة الثالثة من مراتب القدر هي: مرتبة المشيئة والإرادة، أي أن مشيئة الله الكونية القدرية شاملة ومحيطة بكل شيء، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فهو الذي شاء وأراد كل ما هو موجود، وكل ما سيأتي فالله سبحانه وتعالى أراده وشاءه كوناً، وهذه أيضاً أدلتها كثيرة جداً، منها قوله سبحانه وتعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٩] ، وقوله:{مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام:٣٩] .