ثم مثل المصنف رحمه الله بقوله:[سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة] .
وهذا دل عليه نص القرآن العظيم، في قوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:١٦٤] وجاءت الآية بصفة التأكيد، وبعض أهل البدع أراد أن يجد قارئاً يقرأ بنصب لفظ الجلالة، أي:(وكلم اللهَ موسى) ؛ حتى يثبت أن موسى هو فاعل الكلام، يريد بهذا أن ينفي عن الله صفة الكلام، فقال له إمام من أئمة القراء من أهل السنة: هب أننا قرأنا بنصب لفظ الجلالة، فلماذا سنصنع بقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[الأعراف:١٤٣] ؟ فبهت المبتدع، لأنه ليس هناك خيار إلا أن يحذف الآية، أو يقول: فيها تقديم وتأخير، أما أن يأتي بضمة بدل فتحة أو نحو ذلك ويحل بها المشكلة، فهذه الآية لا تحتمل ذلك.
ثم قال:[وسمعه جبريل عليه السلام، ومن أذن لهم من ملائكته ورسله] .
وهذا أيضاً ثبت في الأحاديث الصحيحة، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه:(ولكن ربنا إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم يسبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل السماء الدنيا، فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم) ، فهذا يدل على أن جبريل والملائكة يسمعون كلام الله سبحانه وتعالى.
إذاً: هو تبارك وتعالى يتكلم بكلام مسموع، وأيضاً رسل الله سمعوا كلامه، كما في قصة موسى، وكما في قصة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الله كلمه كفاحاً ليلة المعراج، كما في الصحيحين وغيرهما.