ثم قال المصنف رحمه الله تعالى:[ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأباريقه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً] .
حوضه صلى الله عليه وسلم وردت فيه أحاديث كثيرة مفصلة في الصحيحين وفي غيرهما، وما ورد من وصفه هنا هو ثابت في الأحاديث الصحيحة، وأحب أن أشير هنا إلى أن حوض النبي صلى الله عليه وسلم موجود الآن؛ لأنه ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن) .
وورد في حديث حسن عند الترمذي وغيره: أن لكل نبي حوضاً، لكن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكبرها وأكثرها وارداً، نسأل الله الكريم من فضله، ولهذا ورد أن الأنبياء يتباهون أيهم أكثر وارداً، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(ولعلي أكون أكثرهم وارداً يوم القيامة) .
وحوض النبي صلى الله عليه وسلم هذا إنما هو في العرصات، يصب فيه من نهر الكوثر الذي في الجنة ميزابان، ولأنه من الجنة فإن من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً، لكن توجد حاجة للشرب من الناس الذين ألجمهم العرق بذنوبهم وبعضهم بلغ منه العرق إلى كعبيه، وليس أمراً سهلاً أن يعرق الإنسان حتى يبلغ عرقه إلى كعبيه أو إلى ركبتيه أو إلى حقويه أو إلى منكبيه، ففي العرصات تدنو الشمس ويكثر الخوف، ويشتد العطش، فيا بشرى من رأى حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عليه، ثم شرب من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها أبداً، فهذه لا شك أنها بشرى وأي بشرى! نسأل الله الكريم من فضله، ونعوذ به من أن نكون ممن يذاد عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنع من الشرب.