هل الذي يموت باللدغ أو الحرق أو الغرق أو أي سبب يكون موته موت شهيد؟
الجواب
ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمية بعضهم أنه شهيد: والغريق، والحريق، والمبطون، والمطعون، وأيضاً المرأة في نفاسها، فهؤلاء شهداء، لكن الشهداء ثلاثة: شهيد الدنيا والآخرة، وشهيد الدنيا دون الآخرة، وشهيد الآخرة دون الدنيا.
الأول: شهيد الدنيا والآخرة هو: المؤمن الصادق الذي يموت في معركة القتال، فهذا شهيد الدنيا، تطبق عليه أحكام الشهيد، فنكفنه بثيابه، ولا نغسله، ولا نصلي عليه، وفي الآخرة هو عند الله بمنزلة الشهداء.
الثاني: شهيد الدنيا دون الآخرة، وهو: الذي جاهد ولم يكن جهاده في سبيل الله، مثل المنافق الذي يحضر المعركة ولا يطلب وجه الله، فهذا إذا قتل في المعركة بين المسلمين يطبق عليه في الدنيا أحكام الشهيد، فيكفن في ملابسه، ولا يصلى عليه إلى آخره، لكنه في الآخرة ليس بشهيد.
الثالث: شهيد الآخرة دون الدنيا، وهو: الحريق والمبطون وميت الهدم ونحو ذلك، فهذا في الدنيا لا تطبق عليه أحكام الشهيد، فإن هؤلاء يعاملون مثلما يعامل الذي يموت على فراشه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه يكون يوم القيامة شهيداً، وأما منزلة هذه الشهادة فدلائل النصوص -والعلم عند الله سبحانه وتعالى- تدل على أنها نوع من الشهادة، لكنها دون شهادة القتيل في المعركة، فالقتيل في المعركة له خصوصيات، منها: تنعمه في الحياة البرزخية، قال تعالى:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا}[آل عمران:١٦٩] ، ففي الحياة البرزخية تكون روحه في حواصل طير خضر في الجنة، تمرح وتأكل منها، بينما روح الميت المؤمن في قنديل معلقة في الجنة، أي: ثابتة بهذا القنديل، لكن روح الشهيد في حواصل طير تمرح بالجنة، وأيهما أشد تنعماً في الحياة البرزخية؟ روح الشهيد.
وأيضاً: منزلة الشهيد وكونه يشفع في سبعين من أهله، فالشهيد في المعركة لا شك أنه أعلى وأفضل من هذا الشهيد، لكن هذه بشرى من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاءت هذه البشرى حينما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: هل الشهيد هو من كان في المعركة؟ فقال:(إن شهداء أمتي إذاً لقليل، لكن الغريق شهيد، والهدم شهيد) إلى آخره، فهذه بشرى من الرسول صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الذي يموتون بهذه الطريقة أن الله سبحانه وتعالى يكتب لهم أجر الشهادة.